الفساد. انتهى (١).
ولنتكلم الآن في بيان الحدوث الزماني الموعود ، المأثور عن أهل الله ، ونبدأ بما استفدناه من أستاذنا ـ دام ظلّه ـ في ذلك ، فإنه ما اتّفق بيانه وبرهانه لأحد من المتقدمين والمتأخّرين ، على ما وصل إلينا ، كما اتّفق له دام تأييده ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، فاستمع ، وعه :
فصل
قد دريت سابقا بالبرهان الّذي أقامه ـ دام ظلّه ـ : أنّ الطبيعة السارية في الجسم ، الّذي هي مقوّمة مادته وصورة ذاته ، أمر متبدل الذات الشخصية ، تدريجي الكون ، لا يبقى وجوده الشخصي زمانين ، فضلا عن أن يكون قديما بشخصه ، وما من جسم فلكي ، أو عنصري ، إلّا وله صورة طبيعية مقوّمة له ، هي مبدأ صفاته اللازمة ، وآثاره المخصوصة.
وثبت أيضا أن المادّة لكلّ جسم حقيقتها القوّة والإمكان ، وليست واحدة بالعدد ، بل وحدتها جنسية مبهمة ، كما أن وحدة الطبيعة المحصّلة لكلّ جسم وحدة عددية ، متكرّرة ، على نعت الاتّصال.
وثبت أن الموجود من كلّ شيء هو وجوده ، وليست للماهيات وجود أصلا ، لا في العين ، ولا في الذهن ، بأن يصير الوجود صفة لها ، متقرّرة فيها ، بل حالها كحال الأشباح والأظلال المتراءى في المرايا ، وهي كما قال سبحانه :
(كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ
__________________
(١) ـ الأسفار الأربعة : ٥ : ٢٢٧ و ٢٢٨.