وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (١) ، وقال سبحانه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢) ؛ وذلك لنقصان الديمومة الحسّية ؛ لتضاعف جهات الكثرة والنقصان ، وتراكم حيثيّات القوّة والإمكان في كلّ ما له قوّة مادّية ، كالفلكيات ، والعنصريات المشهودة بهذه الحواسّ المادية ، فإنّها كلّها من الدنيا ، والدنيا دار زوال وانتقال وتبدّل وارتحال ، والآخرة دار بقاء وقرار ، وفيها موطن المقرّبين والأخيار.
ولقصور الوجود الطبيعي يكون أوّل كلّ موجود بهذا الوجود غير آخره ، وظاهره غير باطنه ، فيه يجتمع الوجود مع العدم ، والحدوث مع القدم ، ويتشابك الخير والشرّ ، ويتعانق النفع والضرر ، ولضيق وجود هذا الوعاء الزماني وقع التضادّ بين الأنداد والتفاسد لنوع واحد بين الأفراد ، فسبحان من قديم جمع بين الأضداد مع التماثل ، ووصل الآحاد مع التقابل.
فصل
قال ـ دام ظلّه ـ : وما يقال : من أن الأنواع المادية ـ أي الكليات الطبيعية ـ باقية بتعاقب الأشخاص ، إن أريد به أنه يوجد هناك أمر واحد بالعدد من الماهية ، باق في كلّ حين ، ومع وحدته العددية موجود في كلّ فرد من أفراده ، فهو باطل ؛ لأنّ الكلي ـ بما هو كلّي ـ لا يجوز أن يوجد في الحس ، كما ثبت في محلّه.
__________________
(١) ـ سورة النحل ، الآية ٩٦.
(٢) ـ سورة الحجر ، الآية ٢١.