امتداد موجود ، أو مفروض ، والفراغ والتعطيل في سائر الحدود منه ، بل الإفاضة واحدة من الحق ، ومتعدّدة بالإضافة إلى الخلق.
نقل عن عبد الله بن طاهر ، أنه دعا الحسين بن الفضل ، وقال له : أشكلت عليّ ثلاث آيات ، دعوتك لتكشفها لي ، منهنّ قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (١) ، وصحّ أن القلم جفّ بما هو كائن إلى يوم القيامة.
فقال الحسين : أمّا قوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ، فإنّها شؤون يبديها ، لا شؤون يبتديها (٢).
وقال بعض أهل المعرفة : اعلم أنّ إمداد الحقّ وتجلّياته واصل إلى العالم في كلّ نفس ، وفي التحقيق الأتمّ ليس إلّا تجلّ واحد ، يظهر له بحسب القوابل ومراتبها واستعداداتها تعيّنات ، فيلحقه لذلك التعدّد والنعوت المختلفة ، والأسماء والصفات ، لا أنّ الأمر في نفسه متعدّد ، أو وروده طار ومتجدد ، وإنما التقدّم والتأخّر وغيرهما من أحوال الممكنات توهم التجدّد والطريان ، والتقيّد والتغيّر ، ونحو ذلك ، كالحال في التعدّد ، وإلّا فالأمر أجلّ من أن ينحصر في إطلاق ، أو تقييد ، أو اسم ، أو صفة ، أو نقصان ، أو مزيد.
وهذا التجلّي الأحدي ـ المشار إليه ـ ليس غير النور الوجودي ، ولا يصل من الحقّ إلى الممكنات بعد الاتّصاف بالوجود وقبله غير ذلك ، وما سواه فإنما هو أحكام الممكنات وآثارها يتصل من بعضها بالبعض حال الظهور بالتجلّي الوجودي الوحداني المذكور.
ولما لم يكن الوجود ذاتيا لسوى الحقّ ـ بل مستفاد من تجلّيه ـ افتقر
__________________
(١) ـ سورة الرحمن ، الآية ٢٩.
(٢) ـ أنظر : تفسير القرطبي : ١٧ : ١٦٧.