الصورة بصيرورتها هواء ، هكذا شأن العالم بأسره ، فإنه يستمدّ دائما من الخزائن الإلهية ، فيفيض منها ، ويرجع إليها. انتهى (١).
وقال كمال الدين عبد الرزّاق الكاشي ـ قدّس الله سرّه (٢) ـ : إنّ الممكن مفتقر في ذاته إلى الموجد ؛ لأنّه ـ في حدّ ذاته ـ معدوم ، هالك ، فهو في كلّ آن معدوم في ذاته ، موجود بموجده ، وتمام الكلام في هذا المعنى قد مضى في مباحث كيفية إفاضة الله الوجود. والحمد لله.
فصل
إذا ثبت حدوث العالم بالمعنى المذكور ، وهو الحدوث الزماني ، وبمعنى افتقاره إلى الصانع ، ثبت ـ أيضا ـ حدوثه الذاتي ، بمعنى كونه مسبوقا بالعدم الذاتي ، بالطريق الأولى ، على أنّه قد تبيّن ـ من الأصول السالفة ـ أنّ كلّ ما وجوده من غيره فهو مسبوق بالعدم البتّة ، وأنّ عدم الممكن متقدّم على وجوده تقدّما ما ، فالحدوث للعالم بهذا المعنى ـ أيضا ـ حق وصدق ، ببرهان ويقين ، بل هو أظهر وأجلى وأحق بالتصديق من الأوّلين ، ولكنّه ليس أيضا بالذي اعتقاده من الضروريات ، من حيث معنى الحدوث والمسبوقية بالعدم الذاتي؛ لغموض
__________________
(١) ـ نقد النصوص : ٢٢٤.
(٢) ـ وهو : عبد الرزاق جمال الدين بن أحمد كمال الدين بن أبي الغنائم محمّد الكاشي ، أو الكاشاني ، أو القاشاني (توفي ٧٣٠ ه ـ ١٣٣٠ م) ، صوفي ، مفسّر ، من العلماء ، له كتب ، منها : كشف الوجوه الغرّ في شرح تائية ابن الفارض ، واصطلاحات الصوفية ... وله شرح منازل السائرين ، للهروي الحنبلي ، والسراج الوهّاج في تفسير القرآن ، وشرح فصوص الحكم لابن عربي ، و... (الأعلام : ٣ : ٣٥٠).