ثمّ يتبعه الوجود؟
فيقول : نعم.
فيقال : إن كان بدل السنة شهر واحد ، فهل يكفي ، أم لا؟ فهو ـ لا محالة ـ يكتفى بالشهر ، كما اكتفى بالسنة ، ثمّ ينتقل في السؤال إلى يوم ، وإلى ساعة ، ودرجة من ساعة ، ودقيقة من درجة ، فيتنبّه بذلك ـ حينئذ ـ على أن الزمان لا تأثير له في الحدث ؛ لأنّ المؤثّر لا يكون كثيره في التأثير مثل قليله ، وإنما يكون كلّ التأثير لكلّ الأثر ، فإذا ارتفع بعض الزمان المفروض للحدوث ولم يرتفع شيء من معنى الحدث ، فرفع جميع الزمان لا يرفع الحدث ، وإنما يؤثّر في ضعف التصوّر ، حتّى إن كان تقدّم الزمان ـ لا محالة ـ تحقّق الحدث، وإن ارتفع لم يرتفع.
فصل
قال بعض علماء الشريعة : إنّ أشرف المبدعات هو العقل ، أبدعه الله بالأمر من غير سبق مادّة وزمان ، وما هو إلّا مسبوق بالأمر فقط ، ولا يقال في الأمر إنه مسبوق بالباري تعالى ، ولا لا مسبوق ، بل التقدم والتأخّر إنّما يعتوران على الموجودات الّتي هي تحت التضاد ، والباري تعالى هو المقدّم المؤخّر ، لا المتقدّم المتأخّر ، وما دون العقل هو النفس ، وهو مسبوق بالعقل ، والعقل متقدّم عليه بالذات ، لا بالزمان والمكان والمادّة ، فالسبق بالذات إنّما ابتدأ من العقل فقط ، والسبق بالزمان إنّما ابتدأ من النفس ، والسبق بالمكان إنّما ابتدأ من الطبيعة.
فالطبيعة ـ إذن ـ سابقة على المكان والمكانيّات ، ولا يعتورها المكان ، بل