فصل
وأمّا سائر الكواكب فكون أنوارها ذاتية أو مقتبسة من الشمس باق على الاحتمال ، وعدم تشكّلاتها البدرية والهلالية لا يدلّ على عدم الاقتباس ؛ لإمكان نفوذ الضوء فيها ، ومن الناس من أثبت لها ألوانا كالقمر ، فإذا كانت كذلك ، وكانت أنوارها مقتبسة لم ينفذ الضوء في كليتها على السواء ، بل أقام على الوجه الّذي يلي الشمس ، وإن كانت مشفّة لا يضيء كليتها ، بل من حيث ينعكس عنها.
قال في الشفاء (١) : وأقول على سبيل الظن : يشبه أن يكون لكلّ كوكب مع الضوء المشرق منه لون بحسب ذلك اللون ، يختلف أيضا الضوء المحسوس بها فيأخذ إشراق بعضها إلى الحمرة ، وبعضها إلى الرصاصية ، وبعضها إلى الخضرة ، وكأن الشعاع والنور لا يكون إلّا في جرم له خاصية لون ، فإنّ النار إنّما يشرق دخانها وهو في جوهره ذا لون ما ، ويختلف المرئي من اللهيب باختلاف الكون الذي يخالطه النور الناري ، وليس هذا شيئا أجزم به جزما. انتهى كلامه (٢).
وينبغي أن لا يراد باللون هناك مثل الألوان الّتي عندنا ، بل على وجه أعلى وألطف ، يناسب تلك الأجرام الشريفة ، وكذلك من أثبت لها الحرارة والبرودة وغير ذلك من الصفات.
روى في الكافي ، بإسناده عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : «إنّ الله تعالى
__________________
(١) ـ كتاب الشفاء للشيخ الرئيس أبي علي ابن سينا. أنظر ترجمته في الجزء الأوّل ص ٢١٤.
(٢) ـ لم نعثر عليه.