لا وجود له أصلا ؛ لأنّ الموجودات الحقيقية والإضافية في الوجود ـ لا محالة ـ أكثر من الأعدام الإضافية ، الحاصلة على الوجه الّذي ذكرناه.
وظاهر أنّ ما يغلب خيره من أفراد الخير فيجب صدوره عن الواجب بالذات ، الّذي هو فاعل الخيرات ، ولا يسوغ عن عنايته عزوجل ورحمته وجوده إهماله ، وإلّا لزم ترك خير كثير لشرّ قليل ، وذلك شرّ كثير ، فصدور الشرّ وقضاؤه إنّما هو بالعرض ، لا بالذات ، فليس الشرّ ـ من حيث هو ـ مستندا إلى مبدأ.
ومن هنا ورد في آية الملك (بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) ، من دون تعرّض لذكر الشرّ ؛ لعدم استناده إلى وجود موجود ، وكونه إضافيا ، وكونه بالعرض.
ومثله ما ورد في بعض الأدعية «والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك» (٢).
وصل
ولو لم يخلق هذا النوع من الخيرات المستلزمة لبعض الشرور لخلق سربال الوجود ، وقصر رداء الجود ، وبقي في كتم العدم عوالم كثيرة ، ونفائس جمّة غفيرة ، فمن هذه الحيثية يكون الشرّ مقتضيا بالذات ، كيف ولو لم يكن في عالم العناصر تضاد فمن أين يحصل الفعل والانفعال ، والكسر والانكسار؟ ومتى تنتقل المادّة من صورة إلى صورة ، ومن حالة إلى حالة ، حتّى يبلغ إلى
__________________
(١) ـ سورة آل عمران ، الآية ٢٦.
(٢) ـ مصباح الكفعمي : ١٥.