والصنائع ، ليبلغهم إلى التمام والكمال ، فمن أجل ذلك يوجد في الرجال البالغين رغبة في الصبيان ، ومحبّة للغلمان ، ليكون ذلك داعيا لهم إلى تأديبهم ، وتهذيبهم ، وتكميلهم إلى البلوغ إلى الغايات المقصودة بهم ، وهذا موجود في جبلّة أكثر الأمم الّتي لها تعليم العلم ، والصنائع ، والآداب ، والرياضات ، مثل أهل فارس ، وأهل العراق ، وأهل الشام ، والروم ، دون غيرهم من الأمم الّتي لا تتعاطى العلوم والصنائع والآداب ، مثل الأكراد ، والأعراب ، والزنج ، والترك ، فإنّه قلّما يوجد فيهم ، وفي طبائعهم ، محبّة الغلمان ، وعشق المردان.
وهكذا الحكمة في سائر أنواع المحبّة من محبّة من محبّة الرجال للنساء ، وبالعكس ، ومحبّة الوالدين للولد ، والرؤساء للرئاسات ، وأهل الصنائع لصنائعهم ، إلى غير ذلك ، فإنّ ذلك كله إنّما ركزت في جبلّتهم لحفظ نظام العالم.
فصل
ثم إنّ الإنسان إذا أحبّ الصور المستحسنة لأجل لذّة حيوانية ، فهو مستحقّ للذم ، بل هو من اللئام ، مثل الفرقة الزانية ، والمتلوّطة ، وبالجملة الأمّة الفاسقة.
وعلامة ذلك أن يكون أكثر إعجابه بصورة المعشوق ، وخلقته ، ولونه ، وتخاطيط أعضائه ؛ لأنها أمور بدنية ، وهذا ممّا يقتضيه استيلاء النفس الأمّارة ، وهو معين لها على استخدامها القوّة العاقلة ، ويكون في الأكثر مقارنا للفجور ، والحرص عليه.
ومهما أحبّ الصورة المليحة باعتبار عقلي على ما أوضحناه ، عدّ ذلك