الأمور إن أريد بها نفس المعاني الإضافية ، فمعلوم بالضرورة أنّ مجرّد الإضافة ليس من المطالب الصحيحة ؛ إذ لا وجود لها بالذات ، سيّما في الذوات العالية (١).
وكذا إن أريد به معنى عرضي ؛ لأنّ العرض أخسّ رتبة من أن يكون غاية ذاتية لأمر جوهري ، فإنّ غاية الشيء ومطلوبه يجب أن تكون أشرف وأعلى منه ، والجوهر أشرف من العرض ، فلو كان كذلك لزم كون شيء واحد شريفا وخسيسا معا ، بالقياس إلى أمر واحد، وهو محال.
ثم لو تكلّف أحد وقال : يجوز أن تكون الغاية المطلوبة كون ذلك الجوهر مجامعا لتلك الصفة العرضية الكمالية.
قلنا : ذلك ـ على تقدير صحّته ـ لا يضرّنا ؛ لأنّ الكلام عائد في أنه مع كونه على تلك الصفة إمّا على غاية الخير والتمام الّذي لا أتمّ منه ، أم يكون فوقه كمال أتمّ ، وخيرية أعلى.
فعلى الأوّل يلزم المطلوب ، وعلى الثاني تتحقّق له غاية أخرى يقتضي الوصول إليها ؛ إذ ما من موجود سوى الله سبحانه إلّا وله غاية مطلوبة فوقه ، كما مرّ بيانه ، والكلام جار في غاية غايته ، وهكذا إلى أن يتسلسل ، أو يدور ، وهما مستحيلان ، أو ينتهي إلى غاية أصلية لا غاية فوقها ، وهو البارىء للكل ، جلّ اسمه.
__________________
(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٥ : ٢٠٠ ـ ٢٠٢ ، فصل ٢.