وصل
ثم هذا الإمكان إمّا ذاتي فقط ، وذلك إذا كان في المبدعات ، وإما استعداديّ ، وذلك إذا كان في المكوّنات.
ففي الإبداعيات إذا ثبت الإمكان ووجد المقتضي ، ورفع المانع ، حصل المقصود والغاية ، والمانع والقاسر لا يوجد ولا يتصوّر في المفارقات ؛ لعدم الاتفاقات والمزاحمات هناك، كما في عالم الحركات.
وأمّا في هذا العالم فالقواسر وإن كانت موجودة إلّا أنها ليست دائمية ، ولا أكثرية ؛ لأنها من العلل الاتّفاقية ، وليست من الأسباب الذاتية للأشياء ، وقد برهن أنّ العلل الاتّفاقية أقلّية الوجود ، ومع قلّتها لا توجد إلّا في غير الفلكيّات من هذا العالم ، وأمّا فيها فالطبائع الأثيرية على مقتضى حالها من الفوز بمقاماتها اللائقة ، فلها الوصول إلى غاياتها ، وقد بيّنا كيفية وصولها ، وحشرها إلى بارئها.
ثم الغاية للطبيعة الجزئية أولا وبالذات طبيعة جزئية أخرى ، وهكذا إلى ما شاء الله ، والغاية في الطبيعة الكلّية العقلية طبيعة عقلية أخرى فوقها ، بالعلّية والشرف.
وقد دريت أنّ لكلّ طبيعة حسّية ـ فلكية كانت ، أو عنصرية ـ طبيعة أخرى عقلية في العالم الإلهي ، وهي أصول هذه الأشباح الكائنة المتجدّدة ؛ لأنها فاعلها ، وغايتها ، وصورتها أيضا ؛ لأنّ تلك الأصول هي عقليات بالفعل ، وهذه لا تخلو عن القوّة والإمكان ، وهذه بحسب وجودها الكوني التجدّدي سالكة مشتاقة إليها ، فهي من حيث جزئيّتها وتشخّصها الزماني الاتّصالي تنال منها