والحجاب ، ويتنعّم بها أهل الذلّة والقسوة المبعّدين عن دار الكرامة والمحبّة والنور ، فوجب في الحكمة الحقّة التفاوت في الاستعدادات لمراتب الدرجات في القوّة والضعف ، والصفاء والكدورة ، وثبت بموجب قضائه اللازم النافذ في قدره بوجود السعداء والأشقياء جميعا.
فإذا كان وجود كلّ طائفة بحسب قضاء إلهيّ ، ومقتضى ظهور اسم ربّاني ، فتكون لها غايات طبيعية ، ومنازل ذاتية ، والأمور الذاتية الّتي جبلت عليها الأشياء إذا وقع الرجوع إليها تكون ملائمة لذيذة ، وإن وقعت المفارقة عنها أمدا بعيدا ، والحيلولة عن السكون إليها ، والاستقرار لها زمانا مديدا ، كما قال تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) (١).
والله تعالى يتجلّى بجميع الأسماء في جميع المقامات والمراتب ، فهو الرحمن الرحيم ، وهو العزيز القهّار.
وفي الحديث : لو لا أنّكم تذنبون لذهب بكم وجاء بقوم يذنبون ، فيستغفرون ، فيغفر الله لهم (٢).
وقال : والآلام دالّة على وجود جوهر أصليّ ، مقاوم لها ، والتقاوم بين المتضادّين لا يكون دائميا ، ولا أكثريا ، لما حقّق في مقامه ، فلا محالة يؤول إمّا إلى بطلان أحدهما ، أو إلى الخلاص ، لكن الجوهر النفساني من الإنساني لا يقبل الفساد ، ولو فسد لاستراح من العذاب.
وقوله تعالى : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٣) ، أي لا يموت موت البهائم
__________________
(١) ـ سورة سبأ ، الآية ٥٤.
(٢) ـ الأسفار الأربعة : ٩ : ٣٤٨ و ٣٤٩.
(٣) ـ سورة طه ، الآية ٧٤ ؛ وسورة الأعلى ، الآية ١٣.