وجعلهم أمة واحدة ، فتضمن ذلك أنّ الواقع بمشيئته ، وأن ما لم يقع فهو لعدم مشيئته ، وهذا حقيقة الربوبية ، وهو معنى كونه رب العالمين ، وكونه القيوم القائم بتدبير عباده ، فلا خلق ولا رزق ولا عطاء ولا منع ولا قبض ولا بسط ولا موت ولا حياة ولا إضلال ولا هدى ولا سعادة ولا شقاوة إلا بعد إذنه ، وكلّ ذلك بمشيئته وتكوينه إذ لا مالك غيره ، ولا مدبّر سواه ، ولا رب غيره.
قال تعالى (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ (٦٨)) [القصص] وقال (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ (٥)) [الحج] وقال (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨)) [الانفطار] وقال (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً (٥٠)) [الشورى] وقال (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (٣٥)) [النور].
وتقدم في حديث حذيفة بن أسيد ، في صحيح مسلم (١) ، في شأن الجنين «فيقضي ربك ما يشاء ، ويكتب الملك».
وفي صحيح البخاري (٢) من حديث أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء» (٣).
وفي صحيح البخاري (٤) ، من حديث علي بن أبي طالب ، حين طرقه النبي صلىاللهعليهوسلم وفاطمة ليلا ، فقال : «ألا تصليان» فقال علي : إنما أنفسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا».
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) البخاري (١٤٣٢).
(٣) ورواه مسلم (٢٦٢٧) عن أبي موسى الأشعري أيضا.
(٤) البخاري (١١٢٧).