قال الشافعي : تأويله والله أعلم ، أنّ العرب كان شأنها أن تذم الدهر ، وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم ، من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك ، فيقولون : إنما يهلكنا الدهر ، وهو الليل والنهار ، ويقولون : أصابتهم قوارع الدهر ، وأبادهم الدهر ، فيجعلون الليل والنهار يفعلان الأشياء ، فيذمون الدهر بأنه الذي يفنيهم ويفعل بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبوا الدهر» (١) على أنه الذي يفنيكم والذي يفعل بكم هذه الأشياء ، فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبون الله تبارك وتعالى ، فإنه فاعل هذه الأشياء.
وفي حديث أنس يرفعه : «اطلبوا الخير دهركم كله ، وتعرّضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله عزوجل سحائب من رحمته ، يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، ويؤمّن روعاتكم» (٢).
وفي الصحيحين (٣) ، من حديث عبادة بن الصامت قال : كنا عند النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ، فمن وفى منكم ، فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فعوقب به ، فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له». وفيهما أيضا من حديث احتجاج الجنة والنار قول الله للجنة : «أنت رحمتي ، أرحم بك من أشاء ، وللنار : أنت عذابي ، أعذب بك
__________________
(١) هذا اللفظ رواه مسلم (٢٢٤٦) (٥) عن أبي هريرة.
(٢) ضعيف. رواه ابن أبي الدنيا في «الفرج بعد الشدة» (٢٧) ، والبيهقي في «الشعب» (١١٢١) ، والطبراني (٧٢٠) ، وأبو نعيم (٣ / ١٦٢) ، والقضاعي (٧٠١) عن أنس ، وفيه عيسى بن موسى بن إياس بن البكير : ضعفه أبو حاتم. ورواية ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.
(٣) البخاري (١٨) ، ومسلم (١٧٠٩).