والنصوص النبوية في إثبات إرادة الله أكثر من أن تحصر ، كقوله : من يرد الله به خيرا ، يفقهه في الدين. ومن يرد الله به خيرا ، يصب منه. إذا أراد الله بالأمير خيرا ، جعل له وزير صدق. إذا أراد الله رحمة أمة ، قبض نبيها قبلها. إذا أراد الله هلكة أمة ، عذّبها ونبيها حيّ ، فأقرّ عينه بهلكها. إذا أراد الله بعبد خيرا ، عجّل له العقوبة في الدنيا. إذا أراد الله بعبد شرا ، أمسك عنه توبته حتى يوافي يوم القيامة كأنه عير (١). إذا أراد الله قبض عبد بأرض ، جعل له إليها حاجة. إذا أراد الله بأهل بيت خيرا ، أدخل عليهم باب الرفق. إذا أراد الله بقوم عذابا ، أصاب من كان فيهم ، ثم بعثوا على نيّاتهم.
والآثار النبوية في ذلك أكثر من أن نستوعبها.
فصل
وهاهنا أمر يجب التنبيه عليه والتّنبّه له ، وبمعرفته تزول إشكالات كثيرة ، تعرض لمن لم يحط به علما ، وهو أن الله سبحانه له الخلق والأمر ، وأمره سبحانه نوعان : أمر كونيّ قدري ، وأمر ديني شرعي ، فمشيئته سبحانه متعلقة بخلقه وأمره الكوني ، وكذلك تتعلق بما يحب وبما يكرهه ، كله داخل تحت مشيئته ، كما خلق إبليس وهو يبغضه ، وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له ، وهو يبغضها ، فمشيئته سبحانه شاملة لذلك كله. وأما محبته ورضاه فمتعلقة بأمره الديني وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله ، فما وجد منه ، تعلقت به المحبة والمشيئة جميعا ، فهو محبوب
__________________
(١) عير : حمار.