لم يفعله ولا له قدرة عليه ، بل هو مضطر إليه مجبور عليه.
وأهل السنة وحزب الرسول وعسكر الإيمان لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء ، بل هم مع هؤلاء فيما أصابوا فيه ، وهم مع هؤلاء فيما أصابوا فيه ، فكلّ حقّ مع طائفة من الطوائف ، فهم يوافقونهم فيه ، وهم براء من باطلهم ، فمذهبهم جمع حقّ الطوائف بعضه إلى بعض ، والقول به ونصره وموالاة أهله من ذلك الوجه ، ونفي باطل كل طائفة من الطوائف وكسره ، ومعاداة أهله من هذا الوجه ، فهم حكام بين الطوائف ، لا يتحيزون إلى فئة منهم على الإطلاق ، ولا يردّون حقّ طائفة من الطوائف ، ولا يقابلون بدعة ببدعة ، ولا يردون باطلا بباطل ، ولا يحملهم شنآن قوم يعادونهم ويكفرونهم على أن لا يعدلوا فيهم ، بل يقولون فيهم الحقّ ، ويحكمون في مقالاتهم بالعدل.
والله سبحانه وتعالى أمر رسوله أن يعدل بين الطوائف فقال : (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) (١٥) [الشورى] فأمره سبحانه أن يدعو إلى دينه وكتابه ، وأن يستقيم في نفسه كما أمره ، وأن لا يتّبع هوى أحد من الفرق ، وأن يؤمن بالحق جميعه ، لا يؤمن ببعضه دون بعض ، وأن يعدل بين أرباب المقالات والديانات.
وأنت إذا تأملت هذه الآية ، وجدت أهل الكلام الباطل وأهل الأهواء والبدع ، من جميع الطوائف ، أبخس الناس منها حظا ، وأقلهم نصيبا ، ووجدت حزب الله ورسوله وأنصار سنته هم أحق بها وأهلها ، وهم في هذه المسألة وغيرها من المسائل أسعد بالحق من جميع الطوائف ، فإنهم يثبتون قدرة الله على جميع الموجودات من الأعيان والأفعال ، ومشيئته العامة ، وينزّهونه أن يكون في ملكه ما لا يقدر عليه ، ولا هو واقع تحت مشيئته ، ويثبتون القدر السابق ، وأنّ العباد يعملون على ما قدّره الله وقضاه وفرغ منه ،