وإرخاء جناحه ، ثم يدنو من الأنثى ، فيهدر لها ، ويقبلها ويزقها (١) ، وينتفش ويرفع صدره ، ثم يعتريه ضرب من الوله ، والأنثى في ذلك مرسلة جناحها وكتفها على الأرض ، فإذا قضى حاجته منها ، ركبته الأنثى ، وليس ذلك في شيء من الحيوان سواه.
وإذا علم الذّكر أنه أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد ، يقدم هو والأنثى بطلب القصب والحشيش وصغار العيدان ، فيعملان منه أفحوصة ، وينسجانها نسجا متداخلا في الوضع الذي يكون بقدر حيمان الحمامة ، ويجعلان حروفها شاخصة مرتفعة لئلا يتدحرج عنها البيض ، ويكون حصنا للحاضن ، ثم يتعاودان ذلك المكان ، ويتعاقبان الأفحوص ، يسخّنانه ويطيّبانه ، وينفيان طباعه الأول ، ويحدثان فيه طبعا آخر مشتقا ومستخرجا من طباع أبدانهما ورائحتهما ، لكي تقع البيضة إذا وقعت في مكان هو أشبه المواضع بأرحام الحمام ، ويكون على مقدار من الحر والبرد والرخاوة والصلابة ، ثم إذا ضربها المخاض ، بادرت إلى ذلك المكان ووضعت فيه البيض ، فإن أفزعها رعد قاصف ، رمت بالبيضة دون ذلك الم : ان الذي هيأته ، كالمرأة التي تسقط من الفزع ، فإذا وضعت البيض في ذلك المكان ، لم يزالا يتعاقبان الحضن حتى إذا بلغ الحضن مداه وانتهت أيامه ، انصدع عن الفرخ ، فأعاناه على خروجه ، فيبدءان أولا بنفخ الريح في حلقه ، حتى تتسع حوصلته ، علما منهما بأنّ الحوصلة تضيق عن الغذاء ، فتتسع الحوصلة بعد التحامها ، وتنفتق بعد ارتتاقها ، ثم يعلمان أنّ الحوصلة وإن كانت قد اتسعت شيئا ، فإنها في أول الأمر لا تحتمل الغذاء ، فيزقّانه بلعابهما المختلط بالغذاء ، وفيه قوى الطعم ثم يعلمان أنّ طبع الحوصلة تضعف عن استمرار الغذاء ، وأنها تحتاج إلى دفع وتقوية ، لتكون لها بعض المتانة ، فيلقطان من الغيطان الحب اللين
__________________
(١) تصحفت في المطبوع إلى : «يزفها» ، والحمام يزقها ـ بالقاف ـ كما يزق فراخه.