ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها ، وإذا مر بفريسة غيره ، لم يدن منها ، ولو جهده الجوع. ومن علم الأسد أن يخضع للببر (١) ويذلّ له إذا اجتمعا حتى ينال منه له ، ومن عجيب أمره أنه إذا استعصى عليه شيء من السباع ، دعا الأسد ، فأجابه إجابة المملوك لمالكه ، ثم أمره ، فربض بين يديه ، فيبول في أذنيه ، فإذا رأت السباع ذلك ، أذعنت له بالطاعة والخضوع.
ومن علم الثعلب إذا اشتد به الجوع ، أن يستلقي على ظهره ، ويختلس نفسه إلى داخل بدنه ، حتى ينتفخ ، فيظن الظان أنه ميتة ، فيقع عليه ، فيثب على من انقضى عمره منها ، ومن علمه إذا أصابه صدع أو جرح أن يأتي إلى صبغ معروف ، فيأخذ منه ، ويضعه على جرحه كالمرهم.
ومن علم الدب إذا أصابه كلم ، أن يأتي إلى نبت قد عرفه ، وجهله صاحب الحشائش ، فيتداوى به ، فيبرأ.
ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها ، أن تأتي إلى الماء ، فتلد فيه ، لأنها ، دون الحيوانات ، لا تلد إلا قائمة ، لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان ، وهي عالية ، فتخاف أن تسقطه على الأرض ، فينصدع أو ينشق ، فتأتي ماء وسطا تضعه فيه ، يكون كالفراش اللّيّن والوطاء الناعم.
ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر.
ومن علّم الكلب إذا عاين الظّباء أن يعرف المعتلّ من غيره ، والذكر من الأنثى ، فيقصد الذكر مع علمه بأن عدوه أشدّ ، وأبعد وثبة ، ويدع الأنثى على
__________________
(١) الببر : الفرانق الذي يعادي الأسد. أو ضرب من السباع. أعجمي معرّب.