الأمم تسبح» (١) فهي أمة مخلوقة بحكمة ومصلحة ، فإعدامها وإفناؤها يناقض ما خلقت لأجله ، والله أعلم بما أراد رسوله.
قال ابن عباس في رواية عطاء : «إلا أمم أمثالكم» يريد : يعرفونني ويوحدونني ، ويسبحونني ويحمدونني مثل قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (٤٤)) [الإسراء] ومثل قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ (٤١)) [النور] ويدل على هذا قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ (١٨)) [الحج] وقوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ (٤٩)) [النحل] ويدل عليه قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ (١٠)) [سبأ] ويدل عليه قوله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي (٦٨)) [النحل] وقوله : (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ (١٨)) [النمل] وقول سليمان : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ (١٦)) [النمل].
وقال مجاهد : أمم أمثالكم : أصناف مصنفة ، تعرف بأسمائها.
وقال الزجاج : أمم أمثالكم في أنها تبعث.
وقال ابن قتيبة : أمم أمثالكم : في طلب الغذاء وابتغاء الرزق وتوقّي المهالك.
وقال سفيان بن عيينة : ما في الأرض آدميّ إلا وفيه شبه من البهائم ، فمنهم من يهتصر (٢) اهتصار الأسد ، ومنهم من يعدو عدو الذئب ، ومنهم من ينبح نباح الكلب ، منهم من يتطوّس كفعل الطاوس ، ومنهم من يشبه
__________________
(١) مر قريبا.
(٢) يأخذ الشيء بشدة وعنف.