وتوحيده ، قال تعالى إخبارا عن فرعون أنه قال : (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠)) [طه].
قال مجاهد : أعطى كل شيء خلقه ، لم يعط الإنسان خلق البهائم ، ولا البهائم خلق الإنسان ، وأقوال أكثر المفسرين تدور على هذا المعنى.
قال عطية ومقاتل : أعطى كل شيء صورته.
وقال الحسن وقتادة : أعطى كل شيء صلاحه ، والمعنى : أعطاه من الخلق والتصوير ما يصلح به لما خلق له ، ثم هداه لما خلق له ، وهداه لما يصلحه في معيشته ومطعمه ومشربه ومنكحه وتقلبه وتصرفه ، هذا هو القول الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين ، فيكون نظير قوله : (قَدَّرَ فَهَدى (٣)) [الأعلى].
وقال الكلبي والسدّي : أعطى الرجل المرأة ، والبعير الناقة ، والذكر الأنثى من جنسه ، ولفظ السدي : أعطى الذكر الأنثى مثل خلقه ، ثم هدى إلى الجماع ، وهذا القول اختيار ابن قتيبة والفراء.
قال الفراء : أعطى الذكر من الناس امرأة مثله ، والشاة شاة ، والثور بقرة ، ثم ألهم الذّكر كيف يأتيها.
قال أبو إسحاق : وهذا التفسير جائز ، لأنا نرى الذكر من الحيوان يأتي الأنثى ، ولم ير ذكرا قد أتى أنثى قبله ، فألهمه الله ذلك ، وهداه إليه. قال : والقول الأول ينتظم هذا المعنى ، لأنه إذا هداه لمصلحته ، فهذا داخل في المصلحة. قلت : أرباب هذا القول هضموا الآية معناها ، فإنّ معناها أجلّ وأعظم مما ذكروه ، وقوله : أعطى كل شيء ، يأبى هذا التفسير ، فإنّ حمل كل شيء على ذكور الحيوان وإناثه خاصة ممتنع ، لا وجه له ، وكيف يخرج من هذا اللفظ الملائكة والجن. ومن لم يتزوج من بني آدم ، ومن لم يسافد