ثم انظر في كتاب «فعل ، وافعل» هل تظفر فيه ب «أفعلته» بمعنى وجدته ، مع سعة الباب إلا في الحرفين أو الثلاثة نقلا عن أهل اللغة؟ ثم انظر ، هل قال أحد من الأولين والآخرين ، من أهل اللغة : إنّ العرب وضعت «أضله الله ، وهداه ، وختم على سمعه وقلبه ، وأزاغ قلبه ، وصرفه عن طاعته ، ونحو ذلك» لمعنى «وجده» كذلك ، ولمّا أراد سبحانه الإبانة عن هذا المعنى قال (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (٧)) [الضحى] ولم يقل وأضلّك.
وقال في حق من خالف الرسول ، وكفر بما جاء به (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ (٢٣)) [الجاثية] ولم يقل : ووجده الله ضالا. ثم أي توحيد وتمدح وتعريف للعباد ، أن الأمر كله لله وبيده ، وأنه ليس لأحد من أمره شيء ، في مجرد التسمية ، والعلامة ومصادفة الرب تعالى عباده كذلك ، ووجوده لهم على هذه الصفات من غير أن يكون له فيها صنع أو خلق أو مشيئة ، وهل يعجز البشر عن التسمية والمصادفة والوجود كذلك ، فأيّ مدح وأي ثناء يحسن على الرب تعالى بمجرد ذلك؟! فأنتم وإخوانكم من الجبرية ، لم تمدحوا الرب بما يستحق أن يمدح به ، ولم تثنوا عليه بأوصاف كماله ، ولم تقدروه حق قدره. وأتباع الرسول وحزبه وخاصته بريئون منكم ومنهم في باطلكم وباطلهم ، وهو معكم ومعهم فيما عندكم من الحقّ ، لا يتحيزون إلى غير ما بيّنه الرسول ، وجاء به ، ولا ينحرفون عنه نصرة لآراء الرجال المختلفة وأهوائهم المتشتتة ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم.
قال ابن مسعود : علّمنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم التشهد في الصلاة ، والتشهد في الحاجة ، أنّ الحمد لله نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ويقرأ ثلاث آيات (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ (١٠٢)) [آل عمران] الآية (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ