الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله» (١).
وقد أجمع المسلمون على هذه الكلمة وتلقيها بالقبول ، وهي شافية كافية في إثبات القدر وإبطال قول القدرية. وفي بعض الحديث : إذا قالها العبد ، قال الله : أسلم عبدي واستسلم ، وفي بعضه : فوّض إليّ عبدي.
قال بعض المنتسبين للقدر : لما كانت القدرة بالنسبة إلى الفعل وإلى الترك ، بحصول الدواعي ، على التسوية ، وما دام الأمر كذلك ، امتنع صدور الفعل ، فإذا رجح جانب الفعل على الترك بحصول الدواعي وإزالة الصوارف ، حصل الفعل ، وهذه القوة هي المشار إليها بقولنا : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وشأن الكلمة أعظم مما قال ، فإنّ العالم العلوي والسفلي له تحوّل من حال إلى حال ، وذلك التحوّل لا يقع إلا بقوة يقع بها التحول ، فكذلك الحول وتلك القوة قائمة بالله وحده ، ليست بالتحويل ، فيدخل في هذا كل حركة في العالم العلوي والسفلي ، وكل قوة على تلك الحركة ، سواء كانت الحركة قسرية أو إرادية أو طبيعية ، وسواء كانت من الوسط أو إلى الوسط أو على الوسط ، وسواء كانت في الكمّ أو الكيف أو في الأين ، كحركة النبات وحركة الطبيعة وحركة الحيوان وحركة الفلك وحركة النفس والقلب ، والقوة على هذه الحركات التي هي حول ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، ولما كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر الناس ، وكان هذا شأن هذه الكلمة ، كانت كنزا من كنوز الجنة ، فأوتيها النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، من كنز تحت العرش ، وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمّة الأمور بيديه ، وفوّض أمره إليه.
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي ، قال : أتيت أبيّ بن كعب ، فقلت :
__________________
(١) رواه البخاري (٤٢٠٥) ، ومسلم (٢٧٠٤) عن أبي موسى الأشعري.