فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذرّ فقال لهم : ادخلوا الجنة برحمتي ، ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال : ادخلوا النار ولا أبالي ، فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، ثم أخذ منهم الميثاق فقال : ألست بربكم قالوا : بلى فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية فقال هو والملائكة (شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ (١٧٣)) [الأعراف] الآية.
فلذلك ليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف أنّ الله ربه ، ولا مشرك إلا وهو يقول : إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون فذلك قوله عزوجل (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (١٧٢)) [الأعراف] وذلك حين يقول (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً (٨٣)) [آل عمران] وذلك حين يقول : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)) [الأنعام] قال يعني يوم أخذ الميثاق.
وقال إسحاق : حدثنا وكيع قال : حدثنا مضر ، عن ابن سابط قال : قال أبو بكر رضي الله عنه : خلق الله الخلق قبضتين ، فقال لمن في يمينه : ادخلوا الجنة بسلام ، وقال لمن في يده الأخرى : ادخلوا النار ولا أبالي.
وأخبرنا جرير عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن رجل من الأنصار من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم قال : لما خلق الله الخلق قبض قبضتين بيده ، فقال لمن في يمينه : أنتم أصحاب اليمين ، وقال لمن في اليد الأخرى : أنتم أصحاب الشمال فذهبت إلى يوم القيامة.
وقال عبد الله بن وهب في «كتاب القدر» : أخبرني جرير بن حازم ، عن أيوب السختياني ، عن أبي قلابة قال : إن الله عزوجل لما خلق آدم أخرج