فصل
قال الجبري : لو جاز تأثير قدرة العبد في القول بالإيجاد ، لجاز تأثيرها في إيجاد كلّ موجود ، لأن الوجود قضية واحدة مشتركة بين الموجودات الممكنة ، وإن اختلفت محالّه وجهاته ، ويلزم من صحة تأثير القدرة في بعضه صحة تأثيرها في جميعه ، لاتحاد المتعلق ، وإنّ ما ثبت لأحد المثلين ثبت للآخر ، وأيضا فالمصحح للتأثير هو الإمكان ، ويلزم من الاشتراك في المصحح للتأثير الاشتراك في الصحة ، ومعلوم قطعا أن قدرة العبد لا تتعلق بإيجاد الأجسام ، وأكثر الأعراض ، إنما تتعلق ببعض الأعراض القائمة لمحل قدرته.
قال السني : لقد كشف الله عوار مذهب ، يكون إثباته مستندا إلى مثل هذه الخرافات التي حاصلها أنه يلزم من صحة قدرة العبد على قلع حصاة من الأرض صحة قدرته على قلع الجبل ، ومن إمكان حمله لرطل ، إمكان حمله لمائة ألف رطل ، ومن إيجاده للفعل القائم به ، من الأكل والشرب والصلاة وغيرها ، صحة إيجاده لخلق السموات والأرض وما بينهما ، وهل سمع في الهذيان بأسمج من هذا وأغثّ منه ، واشتراك الموجودات في مسمّى الوجود الكلي العام ، لا يلزم منه أنّ ما جاز على موجود ما جاز على كل موجود ، وهذا أسمج من الأول وأبين فسادا ، ولا يلزم من ذلك تماثل البعوضة والفيل ، وتماثل الأجسام والأعراض. ومن يجعل من الجبرية للقدرة الحادثة تعلّقا ما بفعل العبد ، يعترف بالفرق ، ويقول : قدرته تتعلق ببعض الأعراض ، ولا تتعلق بالأجسام ، ولا بكل الأعراض ، فإن احتج على إبطال التأثير بهذه