تنزيها لربوبيته وإلهيته وعظمته وجلاله عما لا يليق به من كلّ ما نسبه إليه الجاهلون الظالمون ، فسبحان الله كلمة يحاشى الله بها عن كل ما يخالف كماله من سوء ونقص وعيب ، فهو المنزّه التنزيه التامّ من كل وجه وبكل اعتبار عن كل نقص متوهم ، وإثبات عموم حمده وكماله وتمامه ينفي ذلك ، واتصافه بصفات الإلهية التي لا تكون لغيره ، وكونه أكبر من كلّ شيء في ذاته وأوصافه وأفعاله ينفي ذلك لمن رسخت معرفته في معنى : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسافر قلبه في منازلها ، وتلقى معانيها من مشكاة النبوة لا من مشكاة الفلسفة والكلام الباطل وآراء المتكلمين. فهذا أصل يجب التمسك به في هذا المقام ، وأن يعلم أن عقول العالمين ومعارفهم وعلومهم وحكمهم تقصر عن الإحاطة بتفاصيل حكمة الرب سبحانه في أصغر مخلوقاته.
الأصل الثاني : أنه سبحانه حيّ حقيقة ، وحياته أكمل الحياة وأتمها ، وهي حياة تستلزم جميع صفات الكمال ، ونفي أضدادها من جميع الوجوه. ومن لوازم الحياة الفعل الاختياري ، فإن كل حي فعّال ، وصدور الفعل عن الحيّ بحسب كمال حياته ونقصها ، وكل من كانت حياته أكمل من غيره ، كان فعله أقوى وأكمل ، وكذلك قدرته ، ولذلك كان الرب سبحانه على كل شيء قدير ، وهو فعّال لما يريد.
وقد ذكر البخاريّ في كتاب ـ خلق الأفعال ـ عن نعيم بن حماد ، أنه قال : الحيّ هو الفعّال ، وكلّ حيّ فعّال ، فلا فرق بين الحي والميت إلا بالفعل والشرور.
وإذا كانت الحياة مستلزمة للفعل ، وهو الأصل الثالث ، فالفعل الذي لا يعقل الناس سواه ، هو الفعل الاختياريّ الإرادي الحاصل بقدرة الفاعل وإرادته ومشيئته ، وما يصدر عن الذات من غير سفير قدرة منها ولا إرادة ، لا