من الإيحاء المذكور ، وهو أربعة أمور : غرور من يوحون إليه ، وإصغاء أفئدتهم إليهم ، ومحبتهم لذلك ، وانفعالهم عنده بالاقتراف. وإن كان ذلك تعليلا لجعله سبحانه لكلّ نبيّ عدوا ، فيكون هذا الحكم من جملة الغايات والحكم المطلوبة بهذا الجعل ، وهي غاية وحكمة مقصودة لغيرها ، لأنها مفضية إلى أمور ، هي محبوبة مطلوبة للرب سبحانه ، وفواتها يستلزم فوات ما هو أحبّ إليه من حصولها ، وعلى التقديرين فاللام لام التعليل والحكمة.
فصل
النوع الثالث : الإتيان بكي الصريحة في التعليل ، كقوله تعالى (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ (٧)) [الحشر].
فعلّل سبحانه تسمية الفيء بين هذه الأصناف ، كي لا يتداوله الأغنياء دون الفقراء ، والأقوياء دون الضعفاء ، وقوله سبحانه (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (٢٣)) [الحديد] فأخبر سبحانه أنه قدّر ما يصيبهم من البلاء في أنفسهم قبل أن يبرأ الأنفس أو المصيبة أو الأرض أو المجموع ، وهو الأحسن ، ثم أخبر أنّ مصدر ذلك قدرته عليه ، وأنه يسير عليه ، وحكمته البالغة التي منها أن لا يحزن عباده على ما فاتهم ، إذا علموا أنّ المصيبة فيه بقدره وكتابته ، ولا بد قد كتبت قبل خلقهم ، هان عليهم الفائت ، فلم يأسوا عليه ، ولم يفرحوا بالحاصل ، لعلمهم أن المصيبة مقدرة في كل ما على الأرض ، فكيف يفرح بشيء قد قدّرت المصيبة فيه قبل