فصل
النوع الثاني عشر : إنكاره سبحانه أن يسوّي بين المختلفين ، أو يفرّق بين المتماثلين ، وإن حكمته وعدله يأبى ذلك.
أما الأول : فكقوله : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)) [القلم] فأخبر أن هذا حكم باطل جائر ، يستحيل نسبته إليه ، كما يستحيل نسبة الفقر والحاجة والظلم إليه ، ومنكر والحكمة والتعليل يجوّزون نسبة ذلك إليه ، بل يقولون بوقوعه وقال تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)) [ص] وقال : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٢١)) [الجاثية].
فجعل سبحانه ذلك حكما سيئا ، يتعالى ويتقدس عن أن يجوز عليه ، فضلا عن أن ينسب إليه ، بل أبلغ من هذا أنه أنكر على من حسب أن يدخل الجنة بغير امتحان له وتكليف يبين به صبره وشكره ، وإن حكمته تأبى ذلك كما قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)) [آل عمران] وقال : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا (٢١٤)) [البقرة] وقال : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً (١٦)) [التوبة] فأنكر عليهم هذا الظن والحسبان لمخالفته لحكمته.
وأما الثاني : وهو أن لا يفرق بين المتماثلين فكقوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ