وقال بعضهم : المعنى : لا مسلك لأحد ولا طريق له إلا عليه كقوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)) [الفجر] وهذا المعنى حق ، ولكن كونه هو المراد بالآية ليس بالبيّن ، فإنّ الناس كلهم لا يسلكون الصراط المستقيم حتى يقال : إنهم يصلون سلوكه إليه ، ولما أراد سبحانه هذا المعنى ، قال : (إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ (٧٠)) [يونس]. (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥)) [الغاشية]. (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)) [الفجر]. «وإن إلى ربك المنتهى».
وأما وصفه سبحانه بأنه على صراط مستقيم ، فهو كونه يقول الحق ، ويفعل الصواب ، فكلماته صدق وعدل كله صواب وخير.
(وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤)) [الأحزاب] فلا يقول إلا ما يحمد عليه لكونه حقا وعدلا وصدقا وحكمة في نفسه ، وهذا معروف في كلام العرب.
قال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز :
أمير المؤمنين على صراط |
|
إذا اعوجّ الموارد مستقيم |
وإذا عرف هذا فمن ضرورة كونه على صراط مستقيم أنه لا يفعل شيئا إلّا بحكمة يحمد عليها ، وغاية هي أولى بالإرادة من غيرها ، فلا تخرج أفعاله عن الحكمة والمصلحة والإحسان والرحمة والعدل والصواب ، كما لا تخرج أقواله عن العدل والصدق.
فصل
النوع السابع عشر : حمده سبحانه لنفسه على جميع ما يفعله ، وأمره عباده