بحمده ، وهذا لما في أفعاله من الغايات والعواقب الحميدة التي يستحق فاعلها الحمد ، فهو يحمد على نفس الفعل ، وعلى قصد الغاية الحميدة به وعلى حصولها ، فههنا ثلاثة أمور ، ومنكر والحكم والتعليل ليس عندهم محمود على قصد الغاية ولا على حصولها ، إذ قصدها عندهم مستحيل عليه ، وحصولها عندهم أمر اتفاقي غير مقصود ، كما صرحوا به فلا يحمد على ما لا يجوز قصده ولا على حصوله ، فلم يبق إلا نفس الفعل.
ومعلوم أن الفاعل لا يحمد على فعله إن لم يكن له فيه غاية مطلوبة ، هي أولى به من عدمها ، وإلا فمجرد الفعل الصادر عن الفاعل إذا لم يكن له غاية يقصده بها ، لا يحمد عليه ، بل وقوع هذا الفعل من القادر المختار الحكيم محال ، ولا يقع الفعل على هذا الوجه إلّا من عائب ، والله منزه من العيب ، فحمده سبحانه من أعظم الأدلة على كمال حكمته ، وقصده بما فعل يقع خلفه ، والإحسان إليهم ورحمتهم وإتمام نعمته عليهم ، وغير ذلك من الحكم والغايات التي تعطيلها تعطيل بحقيقة حمده.
فصل
النوع الثامن عشر : إخباره بإنعامه على خلقه وإحسانه إليهم ، وأنه خلق لهم ما في السموات وما في الأرض ، وأعطاهم الأسماع والأبصار والأفئدة ، ليتم نعمته عليهم.
ومعلوم أن المنعم المحسن لا يكون كذلك ولا يستحق هذا الاسم حتى يقصد الإنعام على غيره والإحسان إليه ، فلو لم يفعل سبحانه لغرض الإنعام والإحسان ؛ لم يكن منعما في الحقيقة ولا محسنا ، إذ يستحيل أن يكون