يظهر أثرها في انتفاعهم بما عملوه وتيقنوه.
فإن قيل : فالغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ، وقال نوح عن قومه : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً (٢٧)) [نوح].
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي مرفوعا : «أن بني آدم خلقوا على طبقات شتّى ، فمنهم من يولد مؤمنا ، ويحيى مؤمنا ، ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ، ويحيى كافرا ، ويموت كافرا» (١) ... الحديث.
قيل : هذا لا يناقض كونه مولودا على الفطرة ، فإنه طبع وولد مقدرا كفره إذا عقل ، وإلا ففي حال ولادته لا يعرف كفرا ولا إيمانا ، فهي حال مقدرة ، لا مقارنة للعامل ، فهو مولود على الفطرة ، ومولود كافرا باعتبارين صحيحين ثابتين له ، هذا بالقبول وإيثار الإسلام لو خلّي ، وهذا بالفعل والإرادة إذا عقل ، فإذا جمعت بين الفطرة السابقة والرحمة السابقة العالية والحكمة البالغة والغنى التام ، وقرنت بين فطرته ورحمته وحكمته وغناه ، تبيّن لك الأمر.
الطريق السادس : قياس دار العدل على دار الفضل ، وأن هذه كما أنها أبدية فالأخرى كذلك ، لأن هذه توجب عدله ، وعدله ورحمته من لوازم ذاته ، وهذه الطريق غير نافذة ، فإنّ العدل حقّه سبحانه ، لا يجب عليه أن يستوفيه ، ولا يلحقه بتركه نقص ولا ذم بوجه من الوجوه ، والفضل وعده الذي وعد به عباده ، وأحقه على نفسه.
والفرق بين الدارين من وجوه عديدة شرعا وعقلا.
__________________
(١) ضعيف. رواه أحمد (٣ / ١٩) ، والترمذي (٢١٩١) عن أبي سعيد الخدري. وفيه علي بن زيد بن جدعان : ضعيف. وفي الصحيح ما يغني عنه.