وعلى مذهب ابن زيد حيث يقول : أخبرنا الله بالذي يشاء لأهل الجنة ، فقال : عطاء غير مجذوذ ، ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار. والقول بأنّ النار وعذابها دائم بدوام الله ، خبر عن الله بما يفعله ، فإن لم يكن مطابقا لخبره عن نفسه بذلك ، وإلا كان قولا عليه بغير علم ، والنصوص لا تفهم ذلك ، والله أعلم.
فصل
وهاهنا مذاهب أخرى باطلة ، منها قول من قال : إنهم يعذبون في النار مدة لبثهم في الدنيا. وقول من قال : إنها تنقلب عليهم طبيعة نارية ، يلتذون بها كما يلتذ صاحب الجرب بالحكّ. وقول من يقول : إنها تفنى هي والجنة جميعا ، ويعودان عدما. وقول من يقول : تفنى حركاتها ، وتبقى أهلها في سكون دائم.
ولم يوفّق للصواب في هذا الباب غير الصحابة ومن سلك سبيلهم ، وبالله التوفيق.
فصل
فإن قيل : فما الحكمة في كون الكفار أكثر من المؤمنين ، وأهل النار أضعاف أضعاف أهل الجنة ، كما قال تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)) [يوسف] وقال : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١٣)) [سبأ]