بالبيّن ، فهذا ما وصل إليه النظر في هذه المسألة التي تكع (١) فيها عقول العقلاء.
وكنت سألت عنها شيخ الإسلام ، قدس الله روحه ، فقال لي : هذه المسألة عظيمة كبيرة ، ولم يجب فيها بشيء ، فمضى على ذلك زمن ، حتى رأيت في تفسير عبد بن حميد الكشي بعض تلك الآثار التي ذكرت ، فأرسلت إليه الكتاب ، وهو في مجلسه الأخير ، وعلّمت على ذلك الموضع ، وقلت للرسول : قل له : هذا الموضع يشكل عليه ، ولا يدري ما هو ، فكتب فيها مصنفه المشهور ، رحمة الله عليه ، فمن كان عنده فضل علم ، فليحدثه ، فإنّ فوق كلّ ذي علم عليم.
وأنا في هذه المسألة على قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فإنه ذكر دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، ووصف ذلك أحسن صفة ، ثم قال : ويفعل الله بعد ذلك في خلقه ما يشاء.
وعلى مذهب عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، حيث يقول : لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ، ولا ينزلهم جنة ولا نارا ، وذكر ذلك في تفسير قوله : (قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ (١٢٨)) [الأنعام].
وعلى مذهب أبي سعيد الخدري حيث يقول : انتهى القرآن كله إلى هذه الآية : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٠٧)) [هود].
وعلى مذهب قتادة حيث يقول في قوله (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ (١٠٧)) [هود] الله أعلم بتبينه على ما وقعت.
__________________
(١) أي : تجهد وتتعب فيها عقول العقلاء.