الله ، إنما هو الدين ، ثم قال : لا تبديل لخلق الله ذلك الدّين القيّم. وروى عن عكرمة : لا تبديل لخلق الله ، قال : لدين الله ، وهو قول سعيد بن جبير والضحّاك وإبراهيم النخعي وابن زيد ، وعن ابن عباس وعكرمة ومجاهد ، هو الخصا. ولا منافاة بين القولين كما قال تعالى : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ (١١٩)) [النساء] فتغيير ما فطر الله عباده من الدين تغيير لخلقه ، والخصا وقطع آذان الأنعام تغيير لخلقه أيضا ، ولهذا شبه النبي صلىاللهعليهوسلم أحدهما بالآخر ، فأولئك يغيرون الشريعة ، وهؤلاء يغيرون الخلقة ، فذلك يغير ما خلقت عليه نفسه وروحه ، وهذا يغير ما خلق عليه بدنه.
فصل
ولما صار القدرية يحتجون بهذا الحديث على قولهم ، صار الناس يتأولونه على تأويلات ، يخرجونه بها عن مقتضاه ، فقالت القدرية : كل مولود يولد على الإسلام ، والله سبحانه لا يضلّ أحدا ، وإنما أبواه يضلانه.
قال لهم أهل السنة : أنتم لا تقولون بأول الحديث ولا بآخره ، أما أوله فإنه لم يولد أحد عندكم على الإسلام أصلا ، ولا جعل الله أحدا مسلما ولا كافرا عندكم ، وهذا أحدث لنفسه الكفر ، وهذا أحدث لنفسه الإسلام ، والله لم يخلق واحدا منهما ، ولكن دعاهما إلى الإسلام ، وأزاح عللهما ، وأعطاهما قدرة مماثلة ، فهما يصلح للضدين ، ولم يخص المؤمن بسبب يقتضي حصول الإيمان ، فإن ذلك عندكم غير مقدور له ، ولو كان مقدورا لكان منع الكافر منه ظلما ، هذا قول عامة القدرية ، وإن كان أبو الحسين