خاصا به ، لأن الله أطلع الخضر على أنه لو بلغ ، لاختار غير دين الأبوين ، وعلى هذا يدلّ قول ابن عباس لنجدة ، وقد سأله عن قتل صبيان الكفار ، فقال : لئن علمت فيهم ما علمه الخضر من الغلام ، فاقتلهم.
فإن قيل : إذا كان مولودا على الفطرة ، وأبواه مؤمنين ، فمن أين جاء الكفر؟.
قيل : إنما قال النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك على الغالب ، وإلا فالكفر قد يأتيه من قبل غير ابويه ، فهذا الغلام إن كان كافرا في الحال ، فقد جاء الكفر من غير جهة أبويه ، وإن كان المراد أنه إذا بلغ ، سيكفر باختياره ، فلا إشكال.
فصل
وأما تفسير قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه» أنه أراد به مجرد الإلحاق في أحكام الدنيا ، دون أن يكون أراد أنهما يغيران الفطرة ، فهذا خلاف ما يدل عليه الحديث ، فإنه شبّه تكفير الأطفال بجدع البهائم ، تشبيها للتغيير بالتغيير ، وأيضا فإنه ذكر هذا الحديث لما قتل أولاد المشركين ، فنهاهم عن قتلهم ، وقال : أليس خياركم أولاد المشركين؟! كل مولود يولد على الفطرة. فلو أراد أنه تابع لأبويه في الدنيا ، لكان هذا حجة لهم ، يقولون : هم كفار كآبائهم. وكون الصغير يتبع أبويه (١) في أحكام الدنيا ، وهو لضرورة بقائه في الدنيا ، فإنه لا بد له من مربّ يربيه ، وإنما يربيه أبواه ، فكان تابعا لهما ضرورة. ولهذا من سبي منفردا عنهما ، صار تابعا
__________________
(١) تحرف في المطبوع إلى : «أبواه».