فإنّ عقد الذمة اقتضى أن يتولى بعضهم بعضا ، فهم يتولون حضانة يتاماهم ، كما كان الأبوان يتولون تربيتهم.
وأحمد يقول : إنّ الذميّ إذا مات ، ورثه ابنه الطفل ، مع قوله في إحدى الروايات ، أنه يصير مسلما ، لأنّ أهل الذمة ما زال أولادهم يرثونهم ، لأن الإسلام حصل مع استحقاق الإرث ، لم يحصل قبله. ونص على أنه إذا مات الذمي عن حمل منه ، لم يرثه ، للحكم بإسلامه قبل وضعه ، وكذلك لو كان الحمل من غيره كما إذا مات ، وخلف امرأة ابنه أو أخيه حاملا ، فأسلمت أمه قبل وضعه ، لم يرثه ، لأنا حكمنا بإسلامه من حين أسلمت أمه ، وكذلك هناك حكمنا بإسلامه من حين مات أبوه ، وقد وافق الإمام أحمد الجمهور على أن الطفل إذا مات أبواه في دار الحرب ، لا يحكم بإسلامه ، ولو كان موت الأبوين يجعله مسلما بحكم الفطرة الأولى ، لم يفترق الحال بين دار الحرب ودار الإسلام ، لوجود المقتضي للإسلام وهو الفطرة وعدم المانع وهو الأبوان. وقد التزم بعض أصحابه الحكم بإسلامه ، وهو باطل قطعا ، إذ من المعلوم بالضرورة أنّ أهل الحرب فيهم من بلغ يتيما لغيره ، وأحكام الكفار المحاربين جارية عليهم.
والرواية الثالثة : إن كفله أهل دينه ، فهو باق على دين أبويه ، وإن كفله المسلمون ، فهو مسلم. نص عليه في رواية يعقوب بن بحنان (١) كما ذكره الخلال في جامعه عنه ، قال : سئل أبو عبد الله عن جارية نصرانية لقوم ، فولدت عندهم ، ثم ماتت ، ما يكون الولد؟ قال : إذا كفله المسلمون ، ولم يكن له من يكفله إلا هم ، فهو مسلم (٢). قيل له : فإن مات بعد الأم بقليل؟
__________________
(١) هكذا بالأصل وليحرر.
(٢) في المطبوع : «فهم مسلمون» ولا يصح.