عرفه وكلّما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالرّاح وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة أخرى ، وما أقول في رجل تعزى إليه كلّ فضيلة وتنتمي إليه كل فرقة وتتجاذبه كلّ طائفة فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها ومجلي حلبتها كلّ من برع فيها بعده فمنه أخذ وله اقتفى وعلى مثاله احتدى ، وقد عرفت أنّ أشرف العلوم هو العلم الإلهيّ لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم ومعلومه أشرف الموجودات فكان هو أشرف العلوم ومن كلامه عليهالسلام اقتبس وعنه نقل وإليه انتهي ومنه ابتدأ ، فإنّ المعتزلة الّذين هم أهل التوحيد والعدل وأرباب النظر ومنهم تعلّم الناس هذا الفنّ تلامذته وأصحابه لأنّ كبيرهم وأصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة وأبو هاشم تلميذ أبيه وأبوه تلميذه عليهالسلام ثمّ ساق ابن أبي الحديد كلامه برجوع علماء أهل الإسلام وفقهائهم إلى أمير المؤمنينعليهالسلام (١).
وقد أنصف الشافعي محمّد بن إدريس إذ قيل له ما تقول في عليّ فقال وما ذا أقول في رجل أخفت أولياؤه فضائله خوفا وأخفت أعداؤه فضائله حسدا وشاع من بين ذين ما ملاء الخافقين. (٢)
كتاب ابن مردويه قال نافع بن الأزرق لعبد الله بن عمر إنّي أبغض عليّا فقال أبغضك الله أتبغض رجلا سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها. (٣)
أقول : نافع بن الأزرق هو مولى عمر بن الخطاب خارجي وعبد الله بن عمر مخالف لأمير المؤمنينعليهالسلام ناصبي.
السادس : أبو المؤيّد موفّق بن أحمد قال : أخبرنا الشيخ الإمام برهان الدين أبو الحسن عليّ بن الحسين الغزنوي بمدينة السلام في داره سلخ ربيع الأوّل من سنّة أربع وأربعين وخمسمائة ، أخبرنا الشيخ الإمام أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الاشعث السّمرقندي ، أخبرنا [أبو] القاسم [إسماعيل] بن مسعدة الاسماعيلي في شعبان من سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة ، أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف البهميّ الرّجل الصّالح ، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي ابن عبد الله ابن محمّد الحافظ ، أخبرنا أبو عليّ الحسين بن عفير بن حمّاد بن زياد العطّار بمصر ، حدّثنا أبو يعقوب يوسف بن عدي بن زريق بن إسماعيل الكوفي التيمي ، حدّثنا حرب (٤) بن عبد الحميد الضبي ، حدّثنا سليمان بن مهران الأعمش ثمّ ساق الحديث حديث الأعمش مع أبي جعفر المنصور العبّاسي والحديث مذكور في كتب الخاصّة والعامّة قال المنصور يا سليمان ألّا أخبرتني
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٦.
(٢) راجع وقائع الأيام للخياباني : ٣ / ٤٧٤ ، وحلية الأبرار : ٢ / ١٣٦.
(٣) راجع المصنف لابن أبي شيبة : ٧ / ٥٠٥.
(٤) في المصدر : جرير.