درجته وقد جعله الله ورسوله للمؤمنين وليّا وللنبيّ صلىاللهعليهوآله وصيّا وللخلافة راعيا وللإمامة قائما؟ أفيغتر بمقام قمته إذ أقامني وأطعته إذا أمرني ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : الحقّ مع عليّ وعليّ مع الحقّ ، من أطاع عليّا رشد ومن عصى عليّا فسد ، ومن أحبّه سعد ومن أبغضه شقي ، والله لو لم يحب ابن أبي طالب إلّا لأجل انّه لم يواقع لله محرما ولا عبد من دونه صنما ، ولحاجة الناس إليه بعد نبيّهم لكان في ذلك ما يحب ، فكيف لأسباب أقلّها موجب وأهونها مرعب ، للرحم المماسة بالرسول والعلم بالدقيق والجليل والرضا بالصبر الجميل والمواساة في الكثير والقليل ، ولخلال لا يبلغ عدّها ولا يدرك مجدها ود المتمنّون أن لو كانوا تراب [أقدام] ابن أبي طالب ، أليس هو صاحب لواء الحمد والساقي يوم الورود وجامع كلّ كرم وعالم كلّ علم والوسيلة إلى الله وإلى الرسول (١)؟.
الثاني عشر : ابن أبي الحديد في الشرح عن ابن عبّاس في حديث طويل يشكو عثمان عليّا عليهالسلام وفي الحديث قال عثمان : يا ابن عبّاس الله يعلم انّك تعلم من علي ما شكوت منه قال : اللهمّ لا ، إلّا أن يقول كما يقول الناس ينقم كما ينقمون ، فمن أغراك به وأولعك بذكره دونهم فقال عثمان : انّما افتى من أعظم الدّاء الذي ينصب نفسه لرأس الأمر وهو عليّ بن أبي طالب ابن عمّك ، وهذا والله من نكده وشؤمه قال ابن عبّاس : مهلا استثن يا أمير المؤمنين قل : إن شاء الله قال : إن شاء الله ، ثم قال : إنّي أنشدك بابن عبّاس الإسلام والرحم ، فقد والله غلبت وابتليت بكم والله لوددت أنّ هذا الأمر صار إليكم دوني فحملتموه عنّي وكنت أحد أعوانكم عليه إذا والله لوجدتموني لكم خيرا ممّا وجدتكم لي ، ولقد علمت انّ الأمر لكم ولكن قومكم دفعوكم عنه واختزلوه دونكم ، فو الله ما أدري أدفعوه منكم أم دفعوكم عنه.
قال ابن عبّاس : مهلا يا أمير المؤمنين فانّما ننشدك الله والإسلام والرحم مثل ما نشدتنا أن يطمع فيك وفينا عدوّ أو يشمت بك وبنا حسود إنّ أمرك إليك ما كان فعلا فإذا صار فعلا فليس إليك ولا في يديك ، وإنّا والله لنخالفنّ إن خولفنا ولننازعنّ إن نوزعنا ، ما تمنيك أن يكون الأمر صار إلينا دونك إلا أن يقول قائل منّا ما يقوله الناس ويعيب كما عابوا ، فأمّا صرف قومنا عنّا الامر فعن حسد قد والله عرفته، وبغي قد والله علمته فالله بيننا وبين قومنا ، وأمّا قولك : إنّك لا تدري أدفعوه عنّا أم دفعونا عنه ، فلعمري إنّك لتعرف أنّه لو صار إلينا هذا الأمر ما ازددنا به فضلا ولا قدرا إلى قدرنا وإنّا لأهل الفضل وأهل القدر وما فضل فاضل إلّا بفضلنا ولا سبق سابق إلّا بسبقنا ، ولو لا هدانا ما اهتدى
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي : ١ / ١١٥.