يراعيها أو وقوف مع إذن الله تعالى له في ذلك ، فأمّا امتناع عليّ عليهالسلام من البيعة حتّى اخرج على الوجه الذي اخرج فقد ذكره المحدّثون ورواة السير ، وقد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين وقد ذكر من هذا النحو ما لا يحصى كثرة ، وأمّا الامور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من ارساله قنفذ إلى بيت فاطمة وانّه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدّملج وبقي أثره إلى أن ماتت ، وأنّ عمر أضغطها بين الباب والجدار فصاحت : يا أبتاه يا رسول الله وألقت جنينا ميّتا ، وجعل في عنق عليّ حبل يقاد به وهو يعتل وفاطمة خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور وابناه حسن وحسين معهما يبكيان ، وانّ عليّا لمّا أحضر سألوه البيعة فامتنع فتهدّد بالقتل فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله فقالوا : أمّا عبد الله فنعم ، وأمّا أخو رسوله فلا ، وأنّه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق.
ولتنظر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها وأنّهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله ليلة العقبة ، فكلّه لا أصل له عند أصحابنا ولا يثبته أحد منهم ولا رواه أحد ولا نعرفه وانّما هو شيء تنفرد الشيعة بنقله (١).
أقول : العجب كلّ العجب من ابن أبي الحديد في إنكاره النصّ الصريح الذي لا يحتمل التأويل من النصّ الذي رواه وغيره من رسول الله صلىاللهعليهوآله على أمير المؤمنين عليهالسلام بأنّه عليهالسلام الإمام والخليفة والوصيّ والوزير ، بل إن أنصف المنصف ولم يخادع الله تعالى ولم يخادع نفسه ولم يقلّد الرجال بل يتّبع البرهان المنير والحقّ المستبين والصراط المستقيم ليقي نفسه من نار الجحيم على أنّ ابن أبي الحديد قال في موضع آخر من الشرح : الظاهر عندي صحّة ما رواه المرتضى في الشافي والشيعة ، لا كلّ ما يزعمونه بل كان بعض ذلك ، وحقّ لأبي بكر أن يندم ويتأسّف على ذلك يعني على كشف بيت فاطمة عليهاالسلام (٢).
وأنا أذكر بعض ما ذكره السيّد المرتضى في الشافي الذي صحّحه ابن أبي الحديد وحقّ لابن أبي الحديد أن يصحّح ما نقله السيّد المرتضى في الشافي لأنّه رضى الله عنه لم يذكر من الروايات والأخبار في ذلك إلّا ما هو حجّة على المخالفين مسلّم عندهم ، ولهذا رواه من طريق العامّة كالبلاذري وغيره ، وأنا أذكر ما ذكره السيّد المرتضى في الشافي داخلا في روايات العامّة.
الحادي والعشرون : قال السيّد المرتضى رضى الله عنه في الشافي : روى إبراهيم بن سعيد الثقفي قال : حدّثنا أحمد بن عمرو البجلي قال : حدّثنا أحمد بن حبيب العاملي عن أبي عبد الله جعفر بن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٥٩.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٧ / ١٦٨.