يرضخ رأس أبيك بالجندل ، فقال ابن عمر : ثم تجاسر والله فجسر ، فما دارت الجمعة حتّى قام خطيبا في الناس فقال : أيّها الناس ، إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرّها فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه (١).
الرابع : ابن أبي الحديد في الشرح وروى الهيثم بن عديّ عن مجالد بن سعيد قال : غدوت يوما إلى الشعبي وأنا أريد أن أسأله عن شيء بلغني عن ابن مسعود أنّه كان يقوله فأتيته وهو في مسجد حيّه ، وفي المسجد قوم ينتظرونه ، فخرج فتعرّفت إليه وقلت : أصلحك الله ، كان ابن مسعود يقول : ما كنت محدّثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلّا كان لبعضهم فتنة قال : نعم كان ابن مسعود يقول ذلك ، وكان ابن عبّاس يقول أيضا ، وكان عند ابن عبّاس دفاين علم يعطيها أهلها ويصرفها عن غيرهم ، فبينما نحن كذلك ؛ إذ أقبل رجل من الأزد فجلس إلينا فأخذنا في ذكر أبي بكر وعمر فضحك الشعبي وقال : لقد كان في صدر عمر ضبّ على أبي بكر فقال الأزدي : والله ما رأينا ولا سمعنا برجل قط كان أسلس قيادا لرجل ولا أقول فيه بالجميل من عمر في أبي بكر ، فأقبل الشعبي وقال : هذا ما سألت عنه ، ثمّ أقبل على الرجل وقال : يا أخا الأزد فكيف تصنع بالفلتة التي وقى الله شرّها؟ أترى عدوا يقول في عدوّ يريد أن يهدم ما بنى لنفسه في الناس أكثر من قول عمر في أبي بكر ، فقال الرجل : سبحان الله أنت تقول ذلك يا أبا عمرو!.
فقال الشعبي : أنا أقوله ، قاله عمر بن الخطّاب على رءوس الاشهاد فلمه أو دع ، فنهض الرجل مغضبا وهو يهمهم في الكلام بشيء لم أفهمه ، قال مجالد : فقلت للشعبي : ما أحسب هذا الرجل إلا سينقل عنك هذا الكلام إلى الناس ويبثّه فيهم قال : إذا والله لا أحفل به ، وشيء لم يحفل به عمر حين قام على رءوس الاشهاد من المهاجرين والأنصار أحفل به أنّا ، اذيعوه أنتم عني أيضا ما بدا لكم (٢).
الخامس : ابن أبي الحديد في الشرح في حديث طويل عن بعضهم قال فيه القائل ما شاع واشتهر من قول عمر رضى الله عنه : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، وهذا طعن في العقدة وقدح في البيعة الأصلية ، ثمّ ما نقل عنه من ذكر أبي بكر في صلاته ، وقوله عن عبد الرّحمن ابنه : دويبة سوء ، لهو خير من أبيه (٣).
السادس : ابن أبي الحديد في الشرح قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي في نقضه لكلام الجاحظ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٨.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٩.
(٣) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٢١.