أثر؟ والدليل عليه : أنه لو كان القبول أثرا ، لكان القابل مؤثرا ، فحينئذ يصدق أن القابل فاعل. وهو عندكم محال. سلمنا ما ذكرتم من الدليل. إلا أنه منقوض على أصولكم بصور :
الأولى : إنه تعالى عالم بجميع المعلومات. والعلم عبارة عن حضور (١) صورة المعلوم في ذات العالم. فصور المعلومات مرتسمة في ذات الله تعالى ، فذاته قابلة لتلك الصور ، والمؤثر فيها هو ذاته. فالشيء الواحد قابل وفاعل معا ، وذلك ينقض هذا الكلام.
الثانية : إن كون المؤثر مؤثرا [في الأثر (٢)] صفة مغايرة لذات المؤثر. لأن ذات المؤثر جوهر قائم بالنفس ، والمفهوم من كونه مؤثرا في الغير حالة نسبة إضافية. فأحدهما يغاير الآخر ، فهذه المؤثرية صفة زائدة على الذات ، وهي قائمة بتلك الذات. والموجب لتلك المؤثرية هو تلك الذات ، فالشيء الواحد بالنسبة إلى تلك المؤثرية فاعلة لها ، وقابلة لها.
والثالثة : إن [ذات (٣)] واجب الوجود من حيث إنه هو واجب الوجود لذاته : متعينة متشخصة ، وماهية وجوب الوجود مغايرة لذلك التعين ، وإلا لكان كل من عرف الذات الواجبة (٤) لذاتها ، عرف أنها ليست إلا ذلك المتعين ، فوجب أن لا نحتاج في العلم بأن واجب (٥) الوجود واحد ، إلى دليل منفصل. ولمّا لم يكن الأمر كذلك ، علمنا : أن المفهوم من كونه واجب الوجود لذاته ، غير المفهوم من ذلك التعين ومن ذلك التشخص. إذا ثبت هذا فنقول : إنه لا يجوز أن يكون ذلك التعين مقتضيا لوجوب الوجود بالذات ، لما أن واجب الوجود لذاته ، يمتنع أن يكون واجب الوجود لغيره ، فلم يبق أن يقال : المفهوم من كونه واجب الوجود لذاته ، هو الذي يوجب ذلك
__________________
(١) عن ذلك حضور صورة (ط).
(٢) من (ط ، س).
(٣) زيادة.
(٤) الواحدة (ط).
(٥) بأن الواجب واحد (ط).