واعلم أن هذا الجواب حسن بناء على أصولهم. أما على مذهب من يثبت الأجزاء التي لا تتجزأ ، ويقول : كل ما يقبل الانقسام فهو نفسه مركب من الأجزاء. فهذا الجواب لا يستقيم على قوله. إلا أن لصاحب هذا القول أن يجيب عنه بجواب آخر ؛ فيقول : السماء مكونة من اجتماع هذه الأجزاء ، وكل واحد من تلك الأجزاء إنما اختص بموضعه المعين ، ووضعه المعين [بسبب (١)] أن واضعه (٢) السابق أعده لحصول الوضع اللاحق. وهذا عين ما يقول الفلاسفة المتأخرون ، في اختصاص كل واحد من أجزاء العناصر ، بوصفه الخاص ، وموضعه الخاص.
وأما النقض السابع : وهو القول بإثبات أحياز خالية ، خارج العالم. فالكلام فيه مشهور والبحث فيه طويل. فإن أصحاب أرسطاطاليس ينكرون ذلك. ويقولون : إنه ليس خارج العالم لا خلاء ، ولا ملاء. والكلام فيه سيأتي في كتاب مفرد ، إن شاء الله [تعالى(٣)]
وأما النقض الثامن : وهو تولد الأعضاء المختلفة من النطفة المتشابهة الأجزاء. فنقول: لم لا يجوز أن يقال : إن الله تعالى ملكا يصور من تلك النطفة تلك الأعضاء المختلفة ، بحسب المصلحة [والحكمة (٤)] وذلك الملك فاعل مختار ، وعلى هذا التقدير يسقط السؤال. وأما أصحاب أرسطاطاليس. فقد اتفقوا على إسناد تصوير الأعضاء إلى القوة المصورة الحالة في جرم النطفة ، ولا شك أن القول به في غاية البعد ، على ما قررناه في كتاب «القوى الطبيعية» من علم النفس.
وأما النقض التاسع : وهو قولهم : لو كان المعلول من لوازم العلة ، لكان ارتفاع المعلول يدل على ارتفاع العلة. فجوابه : إنه يدل إما على ارتفاع العلة ،
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) وضعه (ط)
(٣) من (س)
(٤) من (س)