الحركة البطيئة : حركة في جميع الأحياز. وأن البطء كيفية قائمة بالحركة.
إذا عرفت هذا ، فنقول : احتج القائلون بنفي الجزء الذي لا يتجزأ. فقالوا : ثبت بالدليل أن الحركة البطيئة ليس بطؤها لأجل تخلل السكنات فيها وإذا ثبت ذلك ، وجب أن يكون القول بإثبات الجزء الذي لا يتجزأ باطلا.
أما تقرير المقام الأول وهو أن بطء الحركات لا يمكن أن يكون لأجل تخلل السكنات. فيدل عليه وجوه.
الأول : إنا إذا فرضنا فرسا شديد العدو ، بحيث يسير من البكرة إلى الظهر : عشرين فرسخا. فنقول : والفلك الأعظم قد دار في مثل هذه المدة : ربع مداره. فلو كان البطء عبارة عن تخلل السكنات ، لكان مقدار زيادة سكنات هذا الفرس على حركاته ، مساويا لمقدار زيادة حركات الفلك الأعظم على حركات هذا الفرس. لكن من المعلوم : أن زيادة حركة الفلك الأعظم ، على حركة الفرس أكثر من ألف ألف مرة. فيلزم : أن تكون زيادة سكنات هذا الفرس على حركاته كذلك. ولو كان الأمر كذلك ، لما ظهرت هذه الحركات الفلكية ، في أثناء هذه السكنات (١) الكثيرة. فوجب أن لا تظهر تلك الحركات أصلا في الحس. وحيث كان هذا التالي كاذبا بل كان الحق هو ضده ، وهو أنا لا نحس البتة بشيء من السكنات ، وإنما نحس بالحركات المتوالية المتعاقبة. علمنا : أن التفاوت الحاصل بين سرعة حركة الفلك ، وسرعة حركة الفرس ، ليس لأجل تخلل السكنات. وذلك يفيد القطع بأن حصول البطء في الحركات ، لا يمكن أن يكون لأجل تخلل السكنات.
الوجه الثاني في إثبات هذا المطلوب : وهو أنا نعلم أن الجسم كلما كان أشد ثقلا ، كان أسرع نزولا. فإذا فرضنا : أن الجسم قد بلغ في الثقل إلى حيث تكون حركته خالصة عن السكونات ، ثم فرضنا بأنه بعد ذلك ، صار أثقل مما كان ، وجب أن تصير حركته أسرع مما كانت قبل ذلك. فههنا حصل
__________________
(١) الحركات (م).