من سكناته بكثير» فنقول : هذا مسلم. لا نزاع فيه. أما قوله : «لو كان الأمر كذلك ، لوجب أن لا تظهر تلك الحركات الكثيرة ، فيما بين تلك السكنات» فنقول : هذا غير مسلم. وذلك لأن الحركات صفات موجودة. وأما السكنات فإنها عبارة عن عدم الحركات والأعدام لا تكون محسوسة ولا مرئية البتة. وعلى هذا التقدير ، فإن الحركات مرئية محسوسة، والسكنات غير محسوسة البتة. فلم يلزم ما ذكرتموه. وهذا بخلاف ما إذا اختلطت الأجزاء الموصوفة بالبياض ، بالأجزاء الموصوفة بالسواد ، وكان الغالب هو الأجزاء الموصوفة بالسواد. وذلك لأن في هذه الصورة : كلا اللونين أعني السواد والبياض محسوسا فيلزم ما ذكرتم. أما هاهنا فالحركة محسوسة (١). إما بالذات وإما بالعرض. وأما السكون فإنه غير محسوس. فظهر الفرق.
وأما الوجه الثاني : وهو قولهم : «إن الجسم إذا بلغ في الثقل ، بحيث صارت [حركاته (٢)] عند الهوىّ خالية عن السكنات ، فإذا ازدادا ثقله ، وجب أن تزداد سرعة حركاته. فقد حصل التفاوت هاهنا في السرعة والبطء ، لا لتخلل السكنات» فالجواب عنه: إن المقتضي إنما يعمل عمله إذا كان الأثر ممكن الحصول. فإذا بلغت الحركة في السرعة إلى حد معين ، لا يمكن الزيادة عليه. لم يلزم من ازدياد الثقل ، ازدياد السرعة. فإن بينتم أن السرعة تقبل الزيادة أبدا ، حصل مقصودكم. إلا أن هذا هو أول المسألة.
لا يقال : الدليل عليه : وهو أن الثقل الوافي بإيجاب السرعة الخالصة في الحركة تام لحصول تلك السرعة. فإذا جعل ذلك الجسم أثقل مما كان ، فهذا القدر الزائد من الثقل. لو انفرد لكان مستقلا باقتضاء لا لمؤثر. فهو أيضا محال. لأن على التقدير الأول يلزم أن يقال: لما جعل الجسم الثقيل ، أثقل (٣) مما كان. فإنه لا ينزل ولا يهوي. وذلك محال. وعلى هذا التقدير الثاني ، يلزم
__________________
(١) المحسوسة (م).
(٢) من (م).
(٣) أثقل. أثقل فما (م).