فهو أيضا باطل. لأن كل واحد من الثقلين ، مستقل باقتضاء ذلك القدر من السرعة. فلو ترجح أحدهما على الآخر ، في كونه مقتضيا لذلك الأثر ، لزم رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح. وهو محال (١).
وأما القسم الثالث : وهو أن يندفع كل واحد منهما بالآخر ، ولا يحصل الأثر ، أو يحصل العالم ملاء أو تجوّز حصول الخلاء (٢) فيه فإن قلنا : بالملاء فلا شك أن الحجر النازل، لا بد وأن يخرق اتصال الهواء فيه ، عند نزول الحجر ، ويتصلب. وإذا كان كذلك ، فالهواء إذا تصلب وتلبد ، وقف الحجر ، وإذا وقف زالت تلك الصلابة ، فحينئذ ينزل ولا تزال هذه الأحوال تتعاقب ، وبسببها تتعاقب الحركات والسكنات. وأما إذا أثبتنا داخل العالم ، فعلى هذا التقرير ، لا نقول : العالم كله خلاء. لأنا نرى أن الهواء إذا تموج فقد يبلغ تموج الهواء في القوة إلى حيث يقلع الجبال ، ويهدم الصخور ، ويموج البحار والعدم المحض لا يكون كذلك ، وحينئذ يعود الوجه الذي ذكرناه على تقرير كون العالم ملاء.
نعم. لو قدرنا أحيازا خالية عن جميع الأجسام. فعلى ذلك التقدير ، وجب أن يبلغ نزول الحجر إلى أقصى درجات السرعة.
وأما الوجوه الأربعة الباقية : وهي حركة الرحى وحركة الفلك وحركة الفرجار ، وحركة الظل (٣) ، فالجواب عنها سيأتي بعد ذلك.
وأما الوجه الثامن. فالجواب عنه : أن يقال : لم لا يجوز أن يقال : إن الماشي حصل في أعضائه العجز والإعياء ، فلأجل حصول هذه الحالة ، يتوقف على بعض الأحياز. فإذا توقف قليلا ، زال ذلك الإعياء ، وعادته القوة ، فيقوى على الحركة ، فلأجل هذا السبب ، يفعل ذلك الفاعل في بعض الأحياز : الحركة ، وفي بعضها : السكون؟
وهاهنا آخر الكلام في الجواب عن هذه الكلمات. والله أعلم.
__________________
(١) وإما محال (م).
(٢) الملاء (ط).
(٣) الطول (م).