الأول : إنا نتخيل بسيطا مستويا ، ونتخيل خطا مستقيما متناهيا في ذلك البسيط ، ونتخيل إحدى نهايتي ذلك الخط ثانية ، ونتخيل جميع ذلك الخط متحركا في ذلك البسيط ، حول تلك النهاية الثابتة ، إلى أن يعود إلى الموضع الذي منه بدأ بالحركة. فحينئذ يحدث من هذه الحركة دائرة. لأن رأس الخط إذا تحرك على الاستدارة ، إلى أن عاد إلى موضعه الأول. فلا شك أن طرفه المتحرك ، قد تحرك على مسافة ما. فتلك المسافة طول ما. والنقطة لا مساحة لها. فتلك المسافة التي تحركت عليها النقطة ليس لها عرض. فهي إذن خط محيط بذلك السطح. والنهاية الثابتة الساكنة من هذا الخط المستقيم ، هي حاصلة في وسط هذا السطح المستدير. وكل الخطوط المستقيمة الخارجة من ذلك الوسط إلى ذلك المحيط : متساوية. لأن كل خط يخرج من ذلك الوسط ، إلى ذلك المحيط. فإنه ينطبق عليه الخط الفاعل للدائرة بحركته. والأشياء المتساوية لشيء واحد : متساوية. فثبت : أن هذا الشكل دائرة.
الوجه الثاني في إثبات الدائرة : ما ذكره الشيخ «أبو علي بن سينا» في «الشفاء» و «النجاة» فقال : «نفرض جسما ثقيلا رأسه أعظم قدرا من أصله. ونفرض كونه قائما على بسيط مسطح قياما مستويا. ولا شك أن هذا الذي فرضناه : أمر ممكن الوجود. لأنه لما كان ثقل الجانب الأعلى ، متساويا من كل الجوانب. فحينئذ لا يكون بأن يميل إلى بعض الجوانب ، أولى بأن يميل إلى الباقي. لأن الثقل الموجب للنزول حاصل في جميع الجوانب على السوية. فإن حصل الميل إلى جانب واحد مع هذا الغرض ، لزم الترجيح من غير مرجح. مع أنه محال. وإذا امتنع هذا القسم ، لم يبق بعده إلا أنه يبقى واقفا في الهواء. ثم لنفرض في هذا الجسم أنه زائل عن الاستقامة ، حتى سقط. فههنا لا يخلو. إما أن يقال : إنه حال نزوله. بقيت النقطة التي في أسفل ذلك الجسم : مماسا للوضع الذي كان مماسا له حال وقوفه ، أو يقال : إنه بقيت في هذه الحالة تلك المماسة. فإن كان الأول لزم أن يقال : إن كل نقطة مفروضة في رأس ذلك الجسم ، فقد فعلت ربع دائرة. وذلك يفيد المطلوب. وإن كان الثاني ، فنقول : تلك النقطة. إما أن يقال : إنها انجرت على ذلك السطح ،