وأفلاك غير هذه الأفلاك. وحينئذ يلزم أن يصدر عن الواحد أكثر من الواحد. وهو محال.
فهذا جملة دلائل القائلين بأن العالم يجب أن يكون واحدا.
واعلم : أن الحجة الأولى في غاية الضعف. وبيانه من وجوه :
الأول : لم قلتم : إنه يجب أن يكون شكل العالم هو الكرة؟ وذلك لأنا بينا في مسألة الجوهر الفرد : إن دلائلكم في إثبات الكرة والدائرة : ضعيفة. ودلائلكم في إثبات أن الجسم البسيط هو الكرة : ضعيفة باطلة.
السؤال الثاني : إن سلمنا صحة ذلك ، لكن ثبت في «المجسطي» أن فلك تدوير «المريخ» أعظم من كلية فلك الشمس. وإذا كان الأمر كذلك. فلم لا يجوز أن يكون الفلك الأعظم ، مع ما فيه من الأفلاك الثمانية والعناصر : تكون مركوزة في ثخن فلك آخر في غاية العظمة ، ويكون في ثخن ذلك الفلك من أمثال الفلك الأعظم الذي نعرفه ألف ألف؟ بل نقول : ولم لا يجوز أن يكون ذلك الفلك الذي ذكرناه : مركوزا في ثخن فلك آخر؟ وكذا القول في الثالث والرابع. ومن الذي يمكنه أن يذكر في إبطال هذا الاحتمال خيالا إقناعيا ، فضلا عن البرهان اليقيني؟.
السؤال الثالث : سلمنا : أنه يلزم القول بالخلاء. فلم قلتم : إن القول بالخلاء باطل؟ والكلام في الخلاء قد تقدم.
وأما الحجة الثانية : فهي أيضا في غاية الضعف. لأنا نقول : قد ثبت أن الاستواء في الصفات واللوازم ، لا يدل على الاستواء في تمام الماهية. فلم لا يجوز أن يقال : إن نار ذلك العالم ، وإن كانت مساوية لنار هذا العالم ، في الحرارة واليبوسة ، والإشراق والصعود. إلا أنهما يختلفان بحسب الماهية الأصيلة؟ والذي يقرر هذا السؤال : [أن (١)] مذهب الشيخ الرئيس : أن الصورة النارية صفة مغايرة للحرارة واليبوسة والإشراق والإحراق والصعود
__________________
(١) من (ط).