أخذنا ماء واحد. فهذا الماء جسم واحد في نفسه ، عند الفلاسفة. وليس مركبا من الأجزاء والأقسام. [ثم (١)] إذا قسمنا ذلك الماء إلى قسمين : فنقول : هذان القسمان الحاصلان بعد هذه القسمة. هل كانا موجودين قبل هذه القسمة ، أو ما كانا موجودين؟ فإن قلنا : إنهما كانا موجودين قبل (٢) هذه القسمة. فحينئذ تكون القسمة عبارة عن تبعيد المتجاورين ، وحينئذ يلزمنا أن نعترف بأن هذا الجسم حين كان واحدا في الحس ، فقد كان في ذاته مركبا من الأجزاء ، وذلك يبطل قول القائل : إن ذلك الجسم كان في نفسه شيئا واحدا. وأما إن قلنا : إن هذين القسمين الحاصلين بعد التقسيم ، ما كانا موجودين قبل التقسيم [بل إنما حدثا بعد حصول التقسيم (٣)] فهذا يقتضي أن يقال : إن تقسيم الماء إلى هذين القسمين ، اقتضى إعدام الماء الأول ، الذي [كان (٤)] ماء واحدا ، واقتضى حدوث هذين الماءين. فيلزم أن يقال : إن الإنسان الذي غمس طرف إصبعه في جانب من جوانب البحر : إنه أعدم البحر الأول بالكلية ، وأوجد هذا البحر. ومعلوم : أن التزامه أيضا في غاية البعد ، بل هو أبعد بكثير من التزام وقوع التفكك في حجر الرحى ، ومن التزام القول بالطفرة (٥). فيثبت : [أن الاحتمالات الممكنة في هذه المسألة ليست إلا هذه الثلاثة. وثبت (٦)] : أن كل واحد منها فإنه يلزمه محذور عظيم ، وقول بعيد جدا.
إذا عرفت هذا فنقول : الفلاسفة اتفقوا على [أن الجسم البسيط في نفسه شيء واحد ، كما أنه عند الحس شيء واحد. واتفقوا على (٧)] أنه مع ذلك
__________________
(١) من (م).
(٢) فقد قبل (م).
(٣) من (ط).
(٤) من (ط).
(٥) بالطين (م).
(٦) من (م).
(٧) من (م).