غير النهاية. فهذه الحادة المستقيمة الخطين تقبل التناقص إلى غير النهاية. وتلك الزاوية الحادة الحادثة من العمود ، ومن حدبة الدائرة ، تتزايد إلى غير النهاية. مع أنها مع جميع مراتب الزيادة ، تكون أقل من الزاوية الحادة المستقيمة الخطين ، من جميع مراتب التناقص. وذلك بعيد ، لا يقبله العقل.
ثم نقول : إنا نزيده تأكيدا. فنقول : المقدار الذي يحيط به القطر مع نصف الدائرة ، قابل لقسي مختلفة غير متناهية. والقوم ساعدوا على أن الدوائر (١) المختلفة بالصغر والكبر ، مختلفة بالنوعية والماهية. ومعلوم أن كل مدار يقبل قوسا مخصوصا ، فإنه هذه القسي ، التي لا نهاية لها. وثبت : أن لكل واحد منها موضعا معينا ، يمتنع حصوله في غيره (٢) ، ويجب حصوله فيه. فحينئذ قد ثبت : أن كل واحد من تلك المدارات مختص بخاصية معينة واجبة الثبوت فيه ، وممتنعة الثبوت في غيره. فحينئذ يلزم حصول التغاير بالفعل بين تلك المدارات. فلو كانت تلك المدارات غير متناهية بالقوة ، لوجب كونها حاصلة بالفعل. وهذا محال [فذاك محال (٣)] وعلى هذا التقدير فهذا الكلام يصير برهانا قاطعا.
الحجة الثالثة : إن «أقليدس» ذكر في مصادرة المقالة الأولى : «إن كل خطين مستقيمين ، وقع عليهما خط آخر ، فتصير الزاويتين اللتين من جهة واحدة ، أقل من قائمتين. فإنهما يلتقيان في تلك الجهة» فهذا حكم ذكره «أقليدس» واتفق المهندسون على صحته. ونحن نقول : لو كانت المقادير قابلة للقسمة إلى غير النهاية ، لما كان [هذا (٤)] الحكم حقا. لأن هذين الخطين كلما ازدادا امتدادا : ازدادا قربا. لكن تزايد القرب لا يوجب وصول أحدهما إلى الآخر ، مع القول (٥) بكون المقدار قابلا للقسمة إلى غير النهاية. فإن مع القول
__________________
(١) الدائرة (م).
(٢) يمتنع حصوله في غيره ، ويجب حصوله في غيره ، ويجب حصوله فيه ، فحينئذ (م).
(٣) من (ط).
(٤) من (ط).
(٥) الذهول (ط).