واستنفر (١) الأعراب وغيرهم فيها إلى جهاد الكفار ولقي المسلمون في تلك المقامات من أعدائهم ما انتظم وصف الله تعالى له بالبأس الشديد لا سيما بمؤتة (٢) وحنين وتبوك سوى ما قبلها وما بينها وبعدها من الغزوات ولا بد أيضا من أن يقولوا بلى وإلا وضح من جهلهم ما يحظر مناظرتهم في هذا الباب.
فيقال لهم : فمن أين يخرج لكم مع ما وصفناه أيها الضعفاء الأوغاد وجوب طاعة المخلفين من الأعراب بعد النبي صلىاللهعليهوآله دون أن يكون هو الداعي لهم بنفسه على ما بيناه فلا يجدون حيلة في إثبات ما ادعوه مع ما شرحناه.
فصل
ثم يقال لهم ينبغي أن تنتبهوا من رقدتكم وتعلموا أن الله تعالى لو أراد منع المخلفين من اتباع النبي صلىاللهعليهوآله في جميع غزواته على ما ظننتموه لما خص ذلك بوقت معين دون ما سواه ولكان الحظر له واردا على الإطلاق وبما يوجب عمومه في كل حال ولما لم يكن الأمر كذلك بل كان مختصا بزمان الغنائم التي تضمن البشارة فيها القرآن وبوصف مسألتهم له بالاتباع دون حال الامتناع منه أو الإعراض (٣) عن
__________________
(١) في أ : واستبق ، وفي م : استفزًّ.
(٢) مؤته : قرية في حدود الشام. " معجم البلدان ٥ : ٢١٩ ".
(٣) في أ ، ب ، م : والإعراض.