السؤال دل على بطلان ما توهمتموه ووضح لكم بذلك الصواب.
فصل آخر
وقد ظن بعض أهل الخلاف بجهله وقلة (١) علمه أن هؤلاء المخلفين من الأعراب هم الطائفة الذين تخلفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في غزوة تبوك وكانت مظاهرة له بالنفاق فتعلق فيما ادعاه من حظر النبي صلىاللهعليهوآله عليهم الاتباع له على كل حال بقوله جل اسمه في سورة التوبة (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) (٢).
فقال هذا هو المراد بقوله في سورة الفتح (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) (٣) وإذا كان قد منعه من إخراجهم معه أبدا ثبت أن الداعي لهم إلى قتال القوم الذين وصفهم بالبأس الشديد هو غيره وذلك مصحح عند نفسه ما ادعاه من وجوب طاعة أبي بكر وعمر وعثمان على ما قدمنا القول فيه وبيناه آنفا.
فيقال له : أيها الغافل الغبي الناقص أين يذهب بك وهذه
__________________
(١) في ب ، ح ، م : دون.
وممّن ذهب إلى هذا الرأي ابن زيد والجبائي والفخر الرازي ، انظر تفسير الطبري ٢٦ : ٥١ ، والثعالبي ٤ : ١٧٥ والفخر الرازي ٢٨ : ٩٠.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٨٣.
(٣) سورة الفتح ٤٨ : ١٥.