الآية وما قبلها من قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (١) نزلت في غزوة تبوك بإجماع علماء الأمة ولتفصيل ما قبلها من التأويل قصص طويله قد ذكرها المفسرون وسطرها مصنفو السير والمحدثون؟!
ولا خلاف أن الآيات التي نزلت في سورة الفتح نزلت في المخلفين عن الحديبية وبين هاتين الغزوتين من تفاوت الزمان ما لا يختلف فيه اثنان من أهل العلم وبين الفريقين أيضا في النعت والصفات اختلاف في ظاهر القرآن.
فكيف يكون ما نزل بتبوك وهي سنة تسع من الهجرة متقدما على النازل في عام الحديبية وهي سنة ست لو لا أنك في حيرة تصدك عن الرشاد؟!
ثم يقال له فهب أن جهلك بالأخبار وقلة معرفتك بالسير والآثار سهل عليك القول في تأويل القرآن بما قضى على بطلانه التأريخ المتفق عليه بواضح البيان أما سمعت الله جل اسمه يقول في المخلفين من الأعراب (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٢).
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٣٨.
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١٦.